من الذاكرة : صحيفة دولية من تونس (2/5)
رشحت الدولة اللبنانية الأمين المساعد أسعد الأسعد لمنصب الأمين العام
لينافس الأستاذ الشاذلي القليبي، ويا ليتها ما رشحته،، فلقد تلقى وهو الرجل
الطيب صفعة ما كان في حاجة لها، ربما جاء هذا الترشيح لأن لبنان كانت
تشقه أيامها حرب أهلية كاسحة ، ولم يكن بلدا
محكوما بحق ، وربما جاء الترشيح بطلب من سوريا التي كانت تحكم حقا في
القرار اللبناني ، ولعل الترشيح جاء أيضا قصد إغاظة بغداد التي كانت
حريصة على المرشح التونسي الذي تم الإتفاق على مبدإ انتخابه في قمة بغداد
بما يشبه الضمانة العراقية والسعودية ، كان ذلك هو ثمن نقل الجامعة من
مصر إلى تونسي على ما يبدو، وكان يصاحبه وفاق عربي عام على أن يكون الأمين
العام تونسي ترشحه الحكومة التونسية، وقد بدا أن الحكومة التونسية قد اتخذت
قرارها أيامها وهي برئاسة الهادي نويرة ،على ترشيح الأستاذ الشاذلي
القليبي، فيما راجت إشاعات قوية ( ولكن غير واقعية) حول ترشيح المرحوم محمد
الفيتوري وكان وقتها وزيرا للخارجية وصديق حميم للوزير الأول، و كان مثل
تونس في قمة بغداد التي تقرر فيها نقل الجامعة إلى تونس على خلفية توقيع
مصر لاتفاقية كامب ديفيد واعترافها بإسرائيل، كما كانت أيامها سرت إشاعات
ملحة حول رغبة عربية لترشيح المرحوم الباهي الأدغم للمنصب ، وهو الذي تعرف
عليه القادة العرب بمناسبة أحداث سبتمبر الأسود في عمان، و سبتمبر هو
الشهر الذي شن فيه الملك حسين حربا مدمرة على منظمة التحرير الفلسطينية،
وقد ترأس السيد الباهي الأدغم أيامها الوفد التونسي إلى القمة العربية في
القاهرة ثم إنه تولى مهمة المصالحة العربية فسافر إلى الأردن نيابة عن
القادة العرب بقصد وقف إطلاق النار، واشتهر السيد الباهي الأدغم بأنه هو
الذي تولى تهريب المرحوم ياسر عرفات في طائرته التي وضعها على ذمته القادة
العرب، وأنقذه من موت محقق ،عندما ألبسه سفساري نسائي تونسي وأخذه معه
إلى الطائرة، وهو محل تفتيش من السلطات الأردنية جميعها ،بشهادة السيد محمد
عمامو، السفير التونسي أيامها في عمان،وأوصله الباهي الأدغم حتى قمة
القاهرة وهي القمة التي تولت المصالحة وانتهت بوفاة الرئيس جمال عبدالناصر
في 28 سبتمبر 1970، أما المرشح الثاني الذي مال إليه بعض العرب أيامها
علىحد بعض الشاعات فكان وزير الخارجية التونسية الأسبق محمد المصمودي،
ولكن لم يكن لأي منهما أي حظ في ترشيح تونسي رسمي، وكان كل منهما مغضوب
عليه في تونس.
وقد أسندت الأمانة العامة وقتها كما رغبت الحكومة التونسية وبوفاق عربي كامل للإستاذ الشاذلي القليبي فعلا، وكان وزيرا للثقافة والإعلام حائزا على ثقة الرئيس بورقيبة ، خاصة وأنه تولى لفترة ،المهمة الصعبة لرئاسة ديوانه، محل تقدير عربي ودولي ، كما إنه كان صديقا ودودا للسيد الهادي نويرة وكان أحد ثلاثة لا يفترقون ، الهادي نويرة والشاذلي القليبي والحبيب شيخ روحه.
وقد أظهر الشاذلي القليبي كفاءة عالية في هذا المنصب، وأدار الشأن العربي بصبر أيوب، واستطاع أن يحقق إجماعا عربيا، وأن يفكك كثيرا من القنابل الموقوتة ، التي كانت تتهدد العمل العربي المشترك، كما مشكل لبنان وخاصة وقوف سوريا الأسد مع إيران ضد العراق في حرب الثماني سنوات المدمرة.
أو قضية الكومندوس التونسي الذي حركه العقيد القذافي لزعزعة النظام التونسي.
وقد أسندت الأمانة العامة وقتها كما رغبت الحكومة التونسية وبوفاق عربي كامل للإستاذ الشاذلي القليبي فعلا، وكان وزيرا للثقافة والإعلام حائزا على ثقة الرئيس بورقيبة ، خاصة وأنه تولى لفترة ،المهمة الصعبة لرئاسة ديوانه، محل تقدير عربي ودولي ، كما إنه كان صديقا ودودا للسيد الهادي نويرة وكان أحد ثلاثة لا يفترقون ، الهادي نويرة والشاذلي القليبي والحبيب شيخ روحه.
وقد أظهر الشاذلي القليبي كفاءة عالية في هذا المنصب، وأدار الشأن العربي بصبر أيوب، واستطاع أن يحقق إجماعا عربيا، وأن يفكك كثيرا من القنابل الموقوتة ، التي كانت تتهدد العمل العربي المشترك، كما مشكل لبنان وخاصة وقوف سوريا الأسد مع إيران ضد العراق في حرب الثماني سنوات المدمرة.
أو قضية الكومندوس التونسي الذي حركه العقيد القذافي لزعزعة النظام التونسي.
___________________________ ___________________________ ___________________________
من الذاكرة : صحيفة دولية من تونس (3/5)
بعد قدوم الجامعة العربية إلى تونس واستقرارها ، حصل مضض أصاب الإخوة
العرب، وهو ما نقله لي شخصيا في حينه بعض وزراء الخارجية العرب ، ممن كنت
أتردد عليهم، أو من ممثلي الدول العربية لدى الجامعة.
وقد تعرفت على الكثيرين وأصبحوا أصدقاء لي وما زلت أحتفظ لليوم بصداقة
بعضهم، ومنهم طارق عزيز وزير الخارجية العراقي السابق، والذي لا أفهم كيف
كان راضيا بالعمل مع صدام حسين ، وهو رجل ذو ثقافة عالية وحس مرهف كان الله
في عونه وقد حكم عليه بالإعدام، ولقد قامت الجامعة العربية في الأحد عشر
سنة التي قضتها في تونس، وبقيادة الأستاذ الشاذلي القليبي ، بأدوار كبيرة،
لما وفرته مما كان مفقودا في القاهرة، وهو عدم التدخل مطلقا في سيرها من
قبل الحكومات التونسية المتعاقبة، وجاء المضض العربي من أمرين اثنين في
نظري:
أولهما أن المقر الذي وضعت فيه الجامعة العربية ، كان بكل المقاييس غير لائق ولا عملي، ولا وجه للمقارنة بينه وبين المقر في القاهرة، وكانت اجتماعات الوزراء تنعقد غالبا في فندق الهيلتون، أو أفريكا ، لافتقار المقر الرسمي لقاعة صالحة كما كان الشأن في القاهرة.
وفي مناسبتين وكنت حاضرا فيهما بمعية أسعد السعد ونهاد الباشا وعبدالوهاب عبدالله، الذي كان آنذاك رئيسا لديوان السيد الشاذلي القليبي في وزارة الثقافة والإعلام، وممثله في لجنة البحث عن مقر للجامعة، اختارت اللجنة مقر البنك المركزي الحالي قبل أن يحتله وقتها البنك، وفندق هميلكار،غير أن السلطات التونسية لم توافق لا على هذا ولا ذاك، وتم الإكتفاء بعمارة مائلة كما كان يقول بعض العاملين في الجامعة العربية، لتكون مقرا غير لائق للبيت العربي، تقع في مونبليزير قبل أن يعمر كما هو حاليا ، والعمارة هي مقر لوزارة التجارة حاليا.
وثانيهما أن تونس بدت بحيادها المطلق وكأنها غير مهتمة بهذا الجهاز العربي.
بعد قدوم الجامعة في سنة 1979 جاء الدور ليستقر الفلسطينيون في تونس في خريف 1982.، بعد طردهم من بيروت.
أصبحت تونس عاصمة عالمية ، تكاثر السفراء المستقرون فيها، فما من دولة إلا وفتحت لها سفارة ،وبات كل يوم يشهد قدوم وفود عديدة عربية وعالمية، سواء للجامعة العربية أو للفلسطينيين وقد اتخذ ياسر عرفات من تونس مقرا لقيادة منظمة التحرير لفلسطينية ، وبتنا قبلة دبلوماسية مشهودة.
في ذلك الوقت كانت الصحافة العربية الصادرة من عدة عواصم دولية في نفس الوقت أمرا رائجا، فبعد الشرق الأوسط جاءت الحياة ، وجاء القبس العربي والدولي ، الذي اشتغلت فيه هو الآخر لسنوات وكانت تجربة مختلفة وثرية جدا لطبيعة من خالطتهم فيه من كبار الصحفيين العرب والدوليين، دائما مع واحد من أقدر الصحفيين العرب والدوليين عبدالكريم أو النصر، الذي كانت له مداخل في مقرات أصحاب القرار في كبريات العواصم العربية والدولية، وجاءت صحيفة العرب التي كان يصدرها وزير سابق من العهد الملكي الليبي تصالح مع القذافي وأصبح على ما يقال بوقا له وللرئيس التونسي السابق.
___________________________ ___________________________ ___________________________
أولهما أن المقر الذي وضعت فيه الجامعة العربية ، كان بكل المقاييس غير لائق ولا عملي، ولا وجه للمقارنة بينه وبين المقر في القاهرة، وكانت اجتماعات الوزراء تنعقد غالبا في فندق الهيلتون، أو أفريكا ، لافتقار المقر الرسمي لقاعة صالحة كما كان الشأن في القاهرة.
وفي مناسبتين وكنت حاضرا فيهما بمعية أسعد السعد ونهاد الباشا وعبدالوهاب عبدالله، الذي كان آنذاك رئيسا لديوان السيد الشاذلي القليبي في وزارة الثقافة والإعلام، وممثله في لجنة البحث عن مقر للجامعة، اختارت اللجنة مقر البنك المركزي الحالي قبل أن يحتله وقتها البنك، وفندق هميلكار،غير أن السلطات التونسية لم توافق لا على هذا ولا ذاك، وتم الإكتفاء بعمارة مائلة كما كان يقول بعض العاملين في الجامعة العربية، لتكون مقرا غير لائق للبيت العربي، تقع في مونبليزير قبل أن يعمر كما هو حاليا ، والعمارة هي مقر لوزارة التجارة حاليا.
وثانيهما أن تونس بدت بحيادها المطلق وكأنها غير مهتمة بهذا الجهاز العربي.
بعد قدوم الجامعة في سنة 1979 جاء الدور ليستقر الفلسطينيون في تونس في خريف 1982.، بعد طردهم من بيروت.
أصبحت تونس عاصمة عالمية ، تكاثر السفراء المستقرون فيها، فما من دولة إلا وفتحت لها سفارة ،وبات كل يوم يشهد قدوم وفود عديدة عربية وعالمية، سواء للجامعة العربية أو للفلسطينيين وقد اتخذ ياسر عرفات من تونس مقرا لقيادة منظمة التحرير لفلسطينية ، وبتنا قبلة دبلوماسية مشهودة.
في ذلك الوقت كانت الصحافة العربية الصادرة من عدة عواصم دولية في نفس الوقت أمرا رائجا، فبعد الشرق الأوسط جاءت الحياة ، وجاء القبس العربي والدولي ، الذي اشتغلت فيه هو الآخر لسنوات وكانت تجربة مختلفة وثرية جدا لطبيعة من خالطتهم فيه من كبار الصحفيين العرب والدوليين، دائما مع واحد من أقدر الصحفيين العرب والدوليين عبدالكريم أو النصر، الذي كانت له مداخل في مقرات أصحاب القرار في كبريات العواصم العربية والدولية، وجاءت صحيفة العرب التي كان يصدرها وزير سابق من العهد الملكي الليبي تصالح مع القذافي وأصبح على ما يقال بوقا له وللرئيس التونسي السابق.
___________________________ ___________________________ ___________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق