الكتاب عبارة عن قراءة في مباحث الطريقة وطلب النصرة عند الحزب، وفيه يتساءل المؤلف: هل يتجه الحزب فعلا نحو الدولة الإسلامية؟
|
-الكتاب: الطريق إلى الدولة الإسلامية عند حزب التحرير -المؤلف: جواد بحر النتشة -عدد الصفحات: 261 -الناشر: مركز دراسات المستقبل, الخليل, فلسطين -الطبعة: الأولى/2009
|
|
|
تعرض
الدراسة لرؤية الحزب من خلال عرض الحزب لها في كتبه وفي كثير من نشراته
الرسمية ومواقعه على الإنترنت. وتتطرق إلى الخلط بين الحزب والدولة لدى
كثير من شبابه "حتى إن غالبيتهم يعتقدون أن الحديث عن الدولة هو حديث عن
الحزب والعكس" حسب المؤلف.
استهل المؤلف
كتابه بتمهيد تحت عنوان: عجز حزب التحرير عن التعامل مع منتقديه، وفيه قال
إن الحزب يسرع إلى اتهام منتقديه، لمجرد أنهم انتقدوه.
يلي التهميد
أربعة فصول، يعالج أولها مفهوم الطريقة عند حزب التحرير، وعند علماء الأمة
من أهل الفقه والأصول وأهل اللغة. ويتناول في الفصل الثاني إنكار الحزب
لمقام الآخرين، ونفي الحزب لوجود من يعمل لإقامة الدولة الإسلامية سواه.
أما الفصل
الثالث فيناقش بإسهاب طريق حزب التحرير إلى الدولة الإسلامية، مستعرضا رؤية
الحزب، ومستعرضا كذلك الرد عليها. ثم يتطرق المؤلف في الفصل الرابع الأخير
إلى أثر رؤية الحزب لطريق الدولة على مسلكه الدعوي.
اعتبارات الحزبيقول
المؤلف إن حزب التحرير يعرض نفسه باعتباره حزبا يسعى إلى إقامة الدولة
الإسلامية، ويرى أن الخلافة لم يكن لها ذكر قبله لدى الأمة ولدى العاملين
للإسلام، حتى جاء هو وبدأ يذيع بين شبابه أنه وحده من يسعى فعلا إلى إقامة
الدولة، وأنه لا أحد سواه يحمل هذا الهم!
ويتابع في
مقدمة كتابه أن الحزب يقرر أن الطريق الموصلة إلى الدولة الإسلامية محدودة
بما دار في فهمه هو، وأن أي طريق آخر لا يوصل إلى الدولة "بل أوصل الحزب
سلوك الطريق التي يراها موصلة دون غيرها إلى الدولة الإسلامية إلى مستوى
الفريضة، كفريضة إقامة الدول ذاتها".
ويشير إلى أن
الحزب يستند فيما يراه من انحصار الطريق إلى الدولة الإسلامية بما فهمه على
بعض أحداث السيرة النبوية، وبناء على فهمه ذاك فإن شبابه يرون أنهم
ملتزمون دون غيرهم بشرع الله تعالى في سلوك هذا الطريق بذلك الفهم.
ويسرد المؤلف جملة من الاعتبارات قال إنها تجمعت لدى الحزب فيما يتعلق بالعمل لإقامة الدولة الإسلامية، وهي:
1- أن فكرة الخلافة لم يكن لها ذكر قبل حزب التحرير، لا عند الأمة ولا عند العاملين للإسلام.
2- أنه حصر
الطريق إليها برؤية محددة ولا طريق يوصل سواه، وجعل طلب النصرة جزءا من
أحكام تلك الطريقة، التي لا يبلغ الحزب غايته إلا بها، رغم إقراره بما يجعل
طلب النصرة غير ممكن.
" يعرض حزب التحرير نفسه
باعتباره حزبا يسعى إلى إقامة الدولة الإسلامية، ويرى أن الخلافة لم يكن
لها ذكر قبله لدى الأمة ولدى العاملين للإسلام، حتى جاء هو وبدأ يذيع بين
شبابه أنه وحده من يسعى فعلا إلى إقامة الدولة، وأنه لا أحد سواه يحمل هذا
الهم! " |
3- أنه اعتبر هذا الطريق فرضا شرعيا يحمل ذات الحكم الذي يحمله العمل لإقامة الدولة الإسلامية.
4- أنه عزا
فهمه للطريق إلى المسلك النبوي الشريف، رغم إقراره أحيانا بأن الرسول صلى
الله عليه وسلم لم يطلب النصرة لأجل استلام الحكم.
5- أنشأ هذا عنده اعتدادا بفهمه للطريق الموصل إلى الدولة الإسلامية، وبانحصار الفهم الصحيح لها فيما دار في رأسه.
6- انبثق عن
فهمه للطريق فهم آخر في العقود الثلاثة الأولى من حياته، وهو أن النجاح في
بلوغه الغاية مرتبط ببعد زمني، وهو ثلاثة عقود على الأكثر، لا يمكن أن تمضي
دون أن يتحقق النجاح في إقامة الدولة.
بعد هذه
المقدمة ينتقل المؤلف إلى الفصل الأول من الكتاب ليتناول مفهوم الطريقة عند
الحزب وعند العلماء، لغويين وأصوليين وفقهاء. ويقول إن الذي يمكن أن يفهم
من إصدارات الحزب في معنى الطريقة هو نفسه ما يمكن فهمه من معنى كلمة
المنهج.
ويتابع أن الطريق كانت أحد ثلاثة جوانب تتقاسم المبدأ "فالمبدأ عند الحزب هو ما يجمع بين العقيدة والنظام والطريقة معا".
إنكار الآخرينيخصص
المؤلف الفصل الثاني من كتابه للحديث عن إنكار الحزب لمقام الآخرين، موضحا
أنه يحسب أن مبرر إنشائه يقتضي إسدال ستار كثيف على العاملين للإسلام،
بإغفال دورهم، أو بوصفهم تارة بعدم الفهم الصحيح للإسلام، وتارة بالإخفاق
في الوصول إلى غايتهم، وتارة بأنهم لم يكونوا يذكرون ما يتحدث به الحزب من
العمل للدولة.
ويتابع المؤلف
أن الحزب يوهم شبابه بهذه الأوهام ليوقع في نفوسهم أنه وحده دون غيره الذي
فهم الإسلام، وعرف طريقة عودة الخلافة. وأنه أول من ذكرها من المسلمين
المعاصرين، وكأنه يقصد بذلك أن يؤسس في نفوس أبنائه مبررات إنشائه، رغم أن
غيره سبقه في ذلك، وقد ذكر المؤلف نماذج سبقت الحزب، جعلت العمل للدولة
الإسلامية محور تفكيرها.
وتطرق المؤلف
في هذا الفصل إلى موقف الحزب بوجوب أن يكون الخليفة تحريريا، أي من حزب
التحرير، وكذلك المعاونون وأمير الجهاد من الحزب، مستشهدا باقتباسات من
نشرات ومراجع عديدة للحزب.
طريق الحزبيعد
الفصل الثالث لب الكتاب لتناوله طريق الحزب للوصول إلى الدولة الإسلامية.
وهنا لا يرى المؤلف أن الحزب سالك مسلكا يوصله للدولة. بل يذهب إلى أن "حزب
التحرير يعلن إعلانات أكبر منه بكثير، لكن بوسائل قاصرة، وهو ينتظر بفارغ
الصبر من يمكنه من ذوي القوة والشأن بتسليمه الحكم أو إيصاله إليه، عبر
طريقته الواجبة حسب وهمه، والتي جعل طلب النصرة جزءا من أحكامها.
يعرض الباحث في هذا الفصل لرؤية الحزب للوصول للدولة، وما يصفها بالأوهام في تصور الحزب للطريقة، وطلب النصرة لاستلام الحكم.
ويسوق الطريق
الموصل إلى الدولة الإسلامية أو إلى استلام الحكم عند الحزب، ويبدأ
بمرحلتين، تنتهيان إلى استلام الحكم لتكون المراحل الثلاث طريقا للوصول إلى
تطبيق المبدأ، وسبق ذكره.
" في تصور الحزب أن الوصول إلى
الدولة الإسلامية يمر بثلاث مراحل: أولا الدراسة والتعلم لإيجاد الثقافة
الحزبية، وثانيا التفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه حتى يصبح المبدأ عرفا
عاما, أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة تسلم زمام الحكم عن طريق الأمة " |
أما
المراحل الثلاث فيقتبسها المؤلف من كتاب التكتل الحزبي، لمؤسس الحزب الشيخ
تقي الدين النبهاني، وهي: أولا مرحلة الدراسة والتعلم لإيجاد الثقافة
الحزبية، وثانيا مرحلة التفاعل مع المجتمع الذي يعيش فيه حتى يصبح المبدأ
عرفا عاما ناتجا عن وعي، وتعده الجماعة كلها مبدأها حتى تدافع عنه جماعيا.
وفي هذه المرحلة يبدأ الكفاح بين الأمة ومن يقفون حائلا دون تطبيق المبدأ،
من الاستعمار وممن يضعهم أمامه من الفئات الحاكمة والظلاميين والمضبوعين
بالثقافة الأجنبية.
والمرحلة
الثالثة هي مرحلة تسلم زمام الحكم عن طريق الأمة تسلما كاملا، حتى يتخذ
الحكم طريقة لتطبيق المبدأ على الأمة. ومن هذه المرحلة تبدأ الناحية
العملية في الحزب في معترك الحياة، وتظل ناحية الدعوة للمبدأ العمل الأصلي
للدولة والحزب، لأن المبدأ هو الرسالة التي تحملها الأمة.
ورغم تمسك
الحزب بهذه الطريقة باعتبارها ذاتها طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم، يرى
الكاتب أن الواقع هو الذي يملي نفسه في تحديد طريق دون طريق، فإذا سمح
الواقع بسبيل ما، وكان هذا السبيل مما يسمح به الشرع نفسه، فهو إذن سبيل
الوصول إلى الدولة الإسلامية.
ويرى المؤلف
أن الإصرار على أن يكون الإلزام بطريق ما غير ما يمكن واقعا، ليس أكثر من
غفلة مخجلة عن الحقيقة، وربما كانت من باب سد الطريق نحو الدولة الإسلامية.
وإن كان سدا غير مقصود!
ويشير إلى أن
طلب النصرة عند الحزب جزء من الطريقة الواجبة الاتباع في رأي الحزب، عندما
يتجمد المجتمع أمام حملة الدعوة، ويشتد الأذى على الدعاة، ويقتبس من أحد
إصدارات الحزب نصا يؤكد ذلك.
وفي أكثر من
موقع من الكتاب ينتقد المؤلف التزام الحزب بطريق دون غيره، "لأن في ذلك
إغلاقا لباب العقل والتفكير، وإغلاقا لباب الأمل في الوصول للدولة، وإصرارا
على العبث بعواطف الناس".
ويتابع أن
الوصول إلى الدولة الإسلامية "ليس بالسهولة التي يتوهّمها الحزب"، لأن أعين
العالم ستكون متربصة لإزهاق أي محاولة في هذا الباب في مهدها، ولأن أصحاب
المصالح سيكونون على أهبة الاستعداد للتعامل مع الأعداء لأجل إزهاق أي
محاولة، بل إن أعداء الإسلام سيحاولون اختراق أي محاولة ناجحة، لعلهم
يحرفونها عن مسارها.
وتعزيزا لرأيه
بعدم الاقتصار على طريق واحد للدولة، يقول المؤلف إن من يخططون قد يرون أن
طريق الانتخابات في مجتمع ما هو ما سيوصلهم إلى مبتغاهم، فيكون هذا المسلك
ضروريا لأجل الوصول إلى المبتغى. وقد يكون طلب النصرة هو الممكن المقرّب
للأمر، فيقررونه حين الحاجة إليه إن سمح الواقع به. وقد يرون أن دعوة الناس
إلى استفتاء يُلزم الحاكم بما يرون أنه ممكن في وقت من الأوقات، فيلجؤون
إلى اعتباره وهكذا.
طريق مسدود
" يرى المؤلف أن الحزب يحصر
المدخل الموصل إلى استلام الحكم في ديار المسلمين في طلب النصرة دون
غيره، وهو أمر مستحيل في عصرنا، ما يعني أن "الطريق الوحيد الموصل إلى
الدولة مغلق " |
في الفصل الرابع الأخير، يتناول المؤلف النتشة أثر رؤية حزب التحرير لطريق الدولة على مسلكه الدعوي.
وهنا يؤكد أنه
لا يمكن ألا يتأثر سلوك الإنسان برؤيته لجوانب الحياة. ويرى أن عمل حزب
التحرير صار محصورا في شيئين الأول الاستقطاب، وما يكون في خدمته من وسائل
كالمؤتمرات وما يتبعه من توعية للمستقطبين، وربما تنفيرهم من غير حزب
التحرير، والثاني طلب النصرة.
ويتساءل: ماذا بعد الاستقطاب؟ ماذا يفعل المستقطَبون؟ الجواب: لا شيء سوى مزيد من الاستقطاب، مع انتظار النصرة.
ويقول إن
لرؤية الحزب أثرا في مسيره، ومنها الإخفاق في الوصول إلى المطلوب، وساق
اعترافا له في عدم ظهور أي تأثير له بين الناس في مجاله، وأنه تحت الصفر
منذ بضع سنوات، كما نصت على ذلك نشرة للحزب، تعود في تاريخها إلى العام
1967 أو بعده بقليل.
ويرى أن الحزب
يحصر بوابة الدولة في ديار المسلمين اليوم في طلب النصرة، التي تبين من
بعض كلام الحزب نفسه أنها غير ممكنة، وهو ما يعني في نهاية المطاف أن الحزب
يحصر المدخل الموصل إلى استلام الحكم في ديار المسلمين في طلب النصرة دون
غيره، مدعيا الاقتداء في هذا بالرسول صلى الله عليه وسلم.
ويذكر من
تداعيات حصر بوابة الدولة في طلب النصرة أن طلب النصرة يكون من أصحاب القوى
في مجتمع ما، ولا يكون هؤلاء من الحزب، موضحا أن أصحاب القوة في أي مجتمع
واقعون تحت سيطرة الحاكم، ولا يجير على الحاكم أحد على حسب تعبير الحزب في
نشرة له أصدرها عام 1985 بعنوان: إعادة النظر، على ما ذكر المؤلف النتشة.
ويتابع أن
الحاكم يرى الحزب عدوا له ولذلك لا أمل في الحاكم، وبالتالي فإن "طريق طلب
النصرة مسدود، لأن القادرين عليها تحت سيطرة الحاكم" ومع ذلك يقرر الحزب أن
"لا بد من طلب النصرة لاستلام الحكم في ديار المسلمين، ولا يصلح غير طلب
النصرة، وهذا عنده يرجع إلى أن طلب النصرة هو طريق الرسول صلى الله عليه
وسلم.
خلاصة
" يدعو المؤلف حزب التحرير إذا
كان جادا في العمل لإقامة الدولة الإسلامية الراشدة، أن يراجع فهمه لطريق
الوصول إليها، وأن يكون شجاعا في مراجعة نفسه وفهمه للطريق " |
يستنتج
المؤلف أن حصر الحزب للطريق إلى الدولة الإسلامية في طلب النصرة، وهو
مستحيل في عصرنا، يعني أن "الطريق الوحيد الموصل إلى الدولة مغلق، وحينما
يصر الحزب على الطريق المغلق، وأنه وحده الطريق دون غيره، فكأنما يقول في
النهاية: "لا أمل في الدولة".
وأن تجعل
الطريق لا بد أن يمر في باب مغلق بهذا الإحكام –يضيف النتشة- ثم تقول لا
طريق سواه، ثم تصر على أن تسلكه دون غيره، رغم اعترافك بإغلاقه، فكأن هذا
يعني أنك لا تريد الوصول إلى الدولة الإسلامية".
وينتهي المؤلف
في كتابه إلى أن حزب التحرير ضخّم نفسه فيما يتعلق بالعمل للدولة
الإسلامية القادمة، ويحسب نفسه أنه يعمل وحده لإقامتها، فإذا بغيره قد
سبقه.
ويرى أن على
الحزب إذا كان جادا في العمل لإقامة الدولة الإسلامية الراشدة أن يراجع
فهمه لطريق الوصول إليها، وأن يكون شجاعا في مراجعة نفسه وفهمه للطريق.
المصدر: http://www.aljazeera.net/NR/exeres/5E009A73-CF7E-48AB-AE4E-423EFDFEC044.htm